responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 230
المسألة الثانية: قوله: إِلَى اللَّهِ إِعْلَامٌ بِأَنَّهُ لَا افْتِقَارَ إِلَّا إِلَيْهِ وَلَا اتِّكَالَ إِلَّا عَلَيْهِ وَهَذَا يُوجِبُ عِبَادَتَهُ لِكَوْنِهِ مُفْتَقَرًا إِلَيْهِ وَعَدَمَ عِبَادَةِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الِافْتِقَارِ إِلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ أَيْ هُوَ مَعَ اسْتِغْنَائِهِ يَدْعُوكُمْ كُلَّ الدُّعَاءِ وَأَنْتُمْ مِنِ احْتِيَاجِكُمْ لَا تُجِيبُونَهُ وَلَا تَدْعُونَهُ فَيُجِيبُكُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي قَوْلِهِ: الْحَمِيدُ لَمَّا زَادَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْتُمُ الْفُقَراءُ زِيَادَةً وَهُوَ قَوْلُهُ:
إِلَى اللَّهِ إِشَارَةً لِوُجُوبِ حَصْرِ الْعِبَادَةِ فِي عِبَادَتِهِ زَادَ فِي وَصْفِهِ بِالْغَنِيِّ زِيَادَةً وَهُوَ كَوْنُهُ حَمِيدًا إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِكُمْ فُقَرَاءَ وَفِي مُقَابَلَتِهِ اللَّهُ غَنِيٌّ وَفَقْرُكُمْ إِلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ نِعَمِهِ عَلَيْكُمْ لِكَوْنِهِ حَمِيدًا وَاجِبَ الشُّكْرِ، فَلَسْتُمْ أَنْتُمْ فُقَرَاءَ وَاللَّهُ مِثْلَكُمْ فِي الْفَقْرِ بَلْ هُوَ غَنِيٌّ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَسْتُمْ أَنْتُمْ لَمَّا افْتَقَرْتُمْ إِلَيْهِ تَرَكَكُمْ غَيْرَ مَقْضِيِّ الْحَاجَاتِ بَلْ قَضَى فِي الدُّنْيَا حَوَائِجَكُمْ، وَإِنْ آمَنْتُمْ يَقْضِي فِي الْآخِرَةِ حوائجكم فهو حميد. / ثم قال تعالى:

[سورة فاطر (35) : آية 16]
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16)
بَيَانًا لِغِنَاهُ وَفِيهِ بَلَاغَةٌ كَامِلَةٌ وَبَيَانُهَا أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيْ لَيْسَ إِذْهَابُكُمْ مَوْقُوفًا إِلَّا عَلَى مَشِيئَتِهِ بِخِلَافِ الشَّيْءِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْمُحْتَاجَ لَا يَقُولُ فِيهِ إِنْ يَشَأْ فُلَانٌ هَدَمَ دَارَهُ وَأَعْدَمَ عَقَارَهُ، وَإِنَّمَا يَقُولُ لَوْلَا حَاجَةُ السُّكْنَى إِلَى الدَّارِ لَبِعْتُهَا أَوْ لَوْلَا الِافْتِقَارُ إِلَى الْعَقَارِ لَتَرَكْتُهَا، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى زَادَ بَيَانَ الِاسْتِغْنَاءِ بِقَوْلِهِ:
وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ يَعْنِي إِنْ كَانَ يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٍ أَنَّ هَذَا الْمَلِكَ لَهُ كَمَالٌ وَعَظَمَةٌ فَلَوْ أَذْهَبَهُ لَزَالَ مُلْكُهُ وَعَظَمَتُهُ فَهُوَ قَادِرٌ بِأَنْ يَخْلُقَ خَلْقًا جَدِيدًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا وَأَجْمَلَ وأتم وأكمل. ثم قال تعالى:

[سورة فاطر (35) : آية 17]
وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17)
أَيِ الْإِذْهَابُ والإتيان وهاهنا مَسْأَلَةٌ: وَهِيَ أَنَّ لَفْظَ الْعَزِيزِ اسْتَعْمَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَارَةً فِي الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ: وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً [الْأَحْزَابِ: 25] وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ [فَاطِرٍ:
28] وَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْقَائِمِ بِغَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ: وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ وَقَالَ: عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ [التَّوْبَةِ:
128] فَهَلْ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَمْ بِمَعْنَيَيْنِ؟ فَنَقُولُ الْعَزِيزُ هو الغالب في اللغة يقال من عزيز أَيْ مَنْ غَلَبَ سَلَبَ، فَاللَّهُ عَزِيزٌ أَيْ غَالِبٌ وَالْفِعْلُ إِذَا كَانَ لَا يُطِيقُهُ شَخْصٌ يُقَالُ هُوَ مَغْلُوبٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ فَقَوْلُهُ: وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ أَيْ لَا يَغْلِبُ اللَّهَ ذَلِكَ الْفِعْلُ بَلْ هُوَ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ وَقَوْلُهُ: عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ أي يحزنه ويؤذيه كالشغل الغالب.

[سورة فاطر (35) : آية 18]
وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (18)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذَا قُرْبى مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ الْحَقَّ بِالدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَرَاهِينِ الْبَاهِرَةِ ذَكَرَ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَى النَّظَرِ فِيهِ فَقَالَ: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى أَيْ لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ ذَنْبَ نَفْسٍ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ كَاذِبًا فِي دُعَائِهِ لَكَانَ مُذْنِبًا وَهُوَ مُعْتَقِدٌ بِأَنَّ ذَنْبَهُ لَا تَحْمِلُونَهُ أَنْتُمْ فَهُوَ يَتَوَقَّى وَيَحْتَرِزُ، وَاللَّهُ تَعَالَى غَيْرُ فَقِيرٍ إِلَى عِبَادَتِكُمْ فَتَفَكَّرُوا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست